كتاب : جدوى مشروع زراعة الشيح و الزعتر بالتفصيل من الألف الى الياء
يُزرع الزعتر (Thymus vulgaris L.)، وهو نبات معمر دائم الخضرة من الفصيلة الشفوية (Lamiaceae)، لأوراقه وأزهاره. تُستخدم هذه الأجزاء كعشبة طهي، كما تُستخدم لاستخلاص الثيمول، وهو زيت عطري يُستخدم في الصناعات الدوائية والتجميلية والغذائية. ولزراعته بنجاح، يجب مراعاة بيئته المتوسطية.
تحضير الأرض
ينمو الزعتر بشكل أفضل في التربة المُفككة والمُسوّاة جيدًا. ابدأ بحرث الحقل لعمق يتراوح بين 20 و25 سم لتحسين التهوية واختراق الجذور. بعد ذلك، قم بحرث الأرض مرتين أو ثلاث مرات باستخدام المشط أو المحراث الدوار لتفتيت كتل التربة الكبيرة والحصول على سطح أملس ومستوٍ. في المناطق التي تشهد هطول أمطار غزيرة أو ذات تربة بطيئة التصريف، يُنصح بإنشاء أحواض أو تلال مرتفعة. تساعد هذه الممارسة على منع تراكم الرطوبة الزائدة حول الجذور، التي تكون عرضة بشكل خاص للتشبع بالماء.
نوع التربة
يفضل هذا النبات التربة الخفيفة جيدة التصريف مثل التربة الطينية أو الرملية الطينية. يُعد نطاق درجة الحموضة بين 6.0 و8.0 - أي قلوية قليلاً - هو الأنسب. يُعد التصريف الجيد ضروريًا لأن جذور الزعتر حساسة للماء الراكد، الذي قد يُسبب تعفنها. إذا كانت التربة ثقيلة أو طينية، اخلطها بالرمل والمواد العضوية لتحسين التصريف وقوام التربة. يُتيح الطابع القوي للزعتر إمكانية تأقلمه مع التربة متوسطة الخصوبة أو الصخرية، مما يجعله خيارًا مناسبًا لمختلف بيئات النمو.
المتطلبات المناخية: يزدهر الزعتر، الذي نشأ في مناطق البحر الأبيض المتوسط، في الظروف الدافئة والمشمسة والجافة نسبيًا. ويتراوح نطاق درجة الحرارة الأمثل لنموه بين 20 و30 درجة مئوية. وبمجرد نضجه، يتحمل النبات الصقيع الخفيف، إلا أن البرد الشديد قد يُلحق الضرر بأوراقه وسيقانه.
يُعدّ التعرض المستمر لأشعة الشمس - لمدة ست إلى ثماني ساعات يوميًا على الأقل - ضروريًا لنموه القوي ولتعزيز رائحة وجودة زيوته العطرية. ينمو الزعتر بشكل أفضل في المناطق التي تشهد هطول أمطار معتدلة تتراوح بين 500 و700 ملم سنويًا؛ وينبغي تجنب الظروف الرطبة لفترات طويلة للحد من خطر الإصابة بالفطريات.
التكاثر
يمكن تكاثر الزعتر بثلاث طرق رئيسية: البذور، والعُقل، والتقسيم. يعتمد اختيار الطريقة على حجم الزراعة والتجانس المطلوب في النباتات.
أ) البذور
يُعدّ التكاثر بالبذور الطريقة الأكثر شيوعًا لزراعة الزعتر على نطاق واسع. مع ذلك، غالبًا ما تكون عملية الإنبات بطيئة وغير منتظمة، مما يتطلب الصبر والإدارة الدقيقة. لتحقيق نتائج أفضل، يجب زراعة البذور في أحواض أو صواني مُجهزة جيدًا بتربة خفيفة، مع الحفاظ على رطوبتها دون إغراقها بالماء حتى ظهور الشتلات.
ب) العُقل
يُعدّ استخدام العُقل طريقة موثوقة للحفاظ على النقاء الوراثي والصفات المرغوبة للنبات الأم. يجب أخذ عُقل شبه خشبية، بطول 5-10 سم تقريبًا، من نباتات سليمة وخالية من الأمراض. تتجذر هذه العُقل جيدًا عند وضعها في خليط من الرمل والتربة في ظروف دافئة ورطبة قليلًا. تُعدّ هذه الطريقة مفيدة بشكل خاص للمزارعين التجاريين الذين يحتاجون إلى محاصيل متجانسة ذات رائحة وزيت متناسقين.
ج) التقسيم
يُعدّ التقسيم أسلوبًا بسيطًا وفعّالًا، ومناسبًا بشكل خاص للزراعة المنزلية أو على نطاق صغير. تُقسّم مجموعات الزعتر الناضجة بعناية في أوائل الربيع أو الخريف، مع التأكد من احتواء كل قسم على جذور وبراعم. تُتيح هذه الطريقة نموًا سريعًا وتضمن احتفاظ النباتات الجديدة بخصائص النبات الأم.
معدل البذور للفدان
عند زراعة الزعتر مباشرة في الحقل، يلزم ما يقارب 1.5 إلى 2.5 كيلوغرام من البذور لكل فدان. نظرًا لصغر حجم البذور، غالبًا ما تُخلط مع رمل ناعم أو مادة حاملة أخرى لضمان توزيعها بشكل متساوٍ. في المقابل، عند زراعة النباتات أولًا في مشتل ثم نقلها لاحقًا، يكفي 200 إلى 400 غرام فقط من البذور لإنتاج شتلات كافية لزراعة فدان واحد.
إدارة المشتل
يجب زراعة بذور الزعتر في أحواض مشتل مُجهزة جيدًا أو في صواني شتلات مملوءة بوسط زراعي خفيف ومعقم. نظراً لصغر حجمها، يجب نثر البذور بالتساوي على السطح وتغطيتها بطبقة رقيقة من التربة أو السماد العضوي. يجب الحفاظ على رطوبة المشتل باستمرار، مع تجنب الإفراط في الري الذي قد يؤدي إلى مشاكل فطرية.
في الظروف الملائمة - عادةً ما بين 20 و25 درجة مئوية - تنبت البذور في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. بعد حوالي ستة إلى ثمانية أسابيع، عندما يصل طول الشتلات إلى 10-15 سم وتُنتج من أربع إلى ست أوراق حقيقية، يتم تخفيفها وتجهيزها للزراعة في الأرض. قبل نقلها إلى الحقل الرئيسي، يجب تقوية الشتلات تدريجياً عن طريق تقليل الري وتعريضها لأشعة الشمس الخارجية وتغيرات درجات الحرارة. تساعد هذه الخطوة على تحسين قدرتها على التأقلم والبقاء على قيد الحياة بعد الزراعة.
الزراعة
أ) موسم الزراعة
يُزرع الزعتر عادةً من البذور في مشتل خلال أوائل الربيع، حوالي شهر أبريل، مما يسمح للنباتات الصغيرة بتكوين جذور قوية قبل نقلها إلى الحقل الرئيسي. ثم تُنقل الشتلات أو العُقل المُتجذّرة إلى الحقل الرئيسي في شهر مايو، عندما تكون درجات الحرارة وظروف التربة مثالية للنمو السريع والتثبيت الناجح.
ب) اتجاه الزراعة
لتحقيق توزيع متساوٍ لأشعة الشمس في الحقل، تُزرع الصفوف عادةً باتجاه شمال-جنوب. يساعد هذا الترتيب كل نبتة على تلقي كمية كافية من الضوء طوال اليوم.
ج) التباعد
يُوصى بترك مسافة تتراوح بين 60 و90 سم بين الصفوف، وبين 30 و45 سم بين النباتات. يضمن هذا التباعد تدفقًا جيدًا للهواء، ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض، ويوفر مساحة كافية للزراعة وإزالة الأعشاب الضارة آليًا.
د) طريقة الزراعة
يجب نقل الشتلات بعناية من المشتل، مع تقليم الجذور قليلاً إذا كانت متشابكة، ووضعها في حفر مُجهزة. يُضغط برفق على التربة حول كل نبتة لإزالة الفراغات الهوائية، ثم تُروى ريًا خفيفًا لمساعدة الجذور على الاستقرار والنمو.
و) عدد النباتات في الفدان
مع مسافة 60 × 30 سم، يمكن زراعة ما يقارب 22000 إلى 22500 نبتة زعتر في الفدان الواحد، وذلك حسب تصميم الحقل والمسافة بين الأحواض.
الري
في المراحل الأولى بعد الزراعة، تستفيد نباتات الزعتر من الري الخفيف والمتكرر لتعزيز نمو الجذور. بمجرد أن تنمو النباتات جيدًا، يُقلل عدد مرات الري مع زيادة عمقه، لتشجيع نمو الجذور بشكل أعمق وتحسين تحمل الجفاف. يجب ترك التربة تجف قليلاً بين فترات الري. يُنصح بشدة باستخدام الري بالتنقيط، فهو يوجه الماء بكفاءة إلى منطقة الجذور، ويقلل من رطوبة الأوراق - مما يقلل من خطر الإصابة بالأمراض - ويحافظ على موارد المياه. يجب تجنب الإفراط في الري، لأنه قد يؤدي إلى ضعف التهوية، وتعفن الجذور، وتوقف النمو.
الأسمدة والسماد العضوي
لا يحتاج الزعتر إلى تسميد كثيف؛ فالنيتروجين الزائد قد يُسبب نموًا خضريًا كثيفًا على حساب إنتاج الزيوت العطرية. أثناء تحضير الأرض، يُنصح بإضافة 10-15 طنًا من السماد العضوي المتحلل جيدًا أو الكمبوست لكل فدان لإثراء التربة عضويًا. للحصول على تغذية متوازنة، يمكن إضافة حوالي 50:40:40 كيلوغرام من NPK لكل فدان سنويًا. يُفضل تقسيم هذه الكمية إلى دفعتين - الأولى عند الزراعة والثانية بعد الحصاد الأول. قبل إضافة أي أسمدة، يجب إجراء اختبار للتربة لتحديد الاحتياجات الفعلية من العناصر الغذائية وتجنب الإفراط في التسميد أو نقصه.
---------------
------------------------
