كتاب : تحديات وقاية النبات في المنطقة العربية
عدد صفحات الكتاب : 523 صفحة
إن أهم الروابط بين الكائنات الحية في النظام البيئي هي التنافس الغذائي والمنفعة المتبادلة، وهما أساس السلاسل والشبكات الغذائية. تحافظ النباتات على علاقات تفاعلية مع الكائنات الحية المفيدة والضارة في بيئتها، مما أدى إلى تكوين أنظمة بيئية طبيعية مستقرة نسبيًا على مدى ملايين السنين من التطور. ومع ذلك، مع استمرار تزايد عدد سكان العالم، لم تتمكن الأنظمة البيئية الطبيعية من تلبية الطلب المتزايد على الغذاء. منذ حوالي 10,000 عام، بدأ البشر في تدجين النباتات، مما أدى إلى تكيفها الزراعي السريع من خلال الأنشطة الزراعية المكثفة وتطور المجتمعات الزراعية.
أدى ذلك إلى انهيار التوازن الذي تم تحقيقه في النظام البيئي، مما أدى إلى تلاعب النشاط البشري بالأنظمة البيئية الزراعية. منذ ذلك الحين، يستكشف البشر تحسينات في كفاءة إنتاج الأنظمة البيئية الزراعية من خلال استكشاف أساليب لزيادة غلة المحاصيل والحد من الخسائر لتلبية الاحتياجات الغذائية للسكان المتزايدين بسرعة (من 5 ملايين نسمة قبل 7000 عام إلى 100 مليون نسمة قبل 2500 عام، ليصلوا إلى ما يقرب من 8 مليارات نسمة عام 2022). ومن بين هذه التحسينات الزراعية، ظهرت تكنولوجيات حماية النبات وتطورت تدريجيا إلى نظام علمي شامل لحماية النبات يتكامل مع تطور العلوم الطبيعية، بما في ذلك علم الأحياء والكيمياء والفيزياء والهندسة وغيرها من العلوم لمنع ومكافحة آفات النبات بشكل فعال.
لذلك، ومع دخول تخصص وقاية النبات إلى عصره الجديد، تبرز حاجة ملحة لإعادة تشكيل وبناء نظام جديد لهذا التخصص، يتميز ببيئة عمل جديدة، وتمكين جديد، ونموذج عمل جديد. ويُقترح مفهوم جديد لواقية النبات. أولًا، يعتمد هذا المفهوم على الابتكار المتقدم وتكامل العلوم والتكنولوجيا، إلى جانب التخصصات المتطورة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والتصنيع الذكي، وعلوم الحياة والصحة، والمعلومات الكمومية، لاقتراح نظريات جديدة، وتطوير تقنيات مبتكرة لوقاية النبات، وإنتاج منتجات جديدة، وتوفير حلول مستدامة لمكافحة الآفات. ثانيًا، يسترشد هذا المفهوم بمبدأ تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي علميًا، مع التركيز على حل التحديات العلمية والتكنولوجية الهامة، بما في ذلك مقاومة المحاصيل المستدامة، وتفشي آفات وأمراض النباتات، ومخلفات المبيدات، والتنبؤ الذكي.
وإدراكًا بأن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، سيتعين مراعاة التوازن بين "الأخذ" و"العطاء" وتجنب الإفراط في استغلال النظم البيئية التي تعتمد على التكنولوجيا. ثالثًا، يرتكز البرنامج على صحة النبات والمحافظة على البيئة، من خلال دمج مفهوم "الصحة الواحدة" الذي يهدف إلى تحقيق التوازن المستدام وتحسين صحة الإنسان والحيوان والنظم البيئية. وبالتالي، يهدف البرنامج إلى مكافحة آفات وأمراض النباتات علميًا وفعالًا، وتحسين كفاءة إنتاج النظم البيئية الزراعية، مع تعزيز التنمية المتناغمة للإنسان والطبيعة.
----------------
-------------------------