كتاب : مشروع تصميم و تخطيط مباني المخازن الزراعية بالتفصيل من الألف الى الياء
المخازن الزراعية مخصصة لتخزين البضائع وحمايتها ماديًا. في سياق تخزين الحبوب، يُقصد بالبضائع في المقام الأول الحبوب المعبأة في أكياس. وقد تشمل أيضًا المواد والمعدات اللازمة لتعبئة وتغليف الحبوب المعبأة في أكياس، ومكافحة آفات التخزين؛ مع أنه في الوضع الأمثل، ينبغي تخزين هذه المواد بشكل منفصل. يُميز بين المستودعات والمخازن المسطحة، المصممة بشكل مختلف لتخزين الحبوب السائبة، والتي ستتم مناقشتها في الفصل السابع.
تحديد موقع المخزن الزراعي
يُحدد الموقع التقريبي للمستودع المقترح لتخزين الحبوب مسبقًا. ومع ذلك، فإن تحديد موقعه الدقيق مسألة تعود للمهندسين. في حال التخطيط لمستودع كبير، يُنصح دائمًا بإشراك المهندسين المدنيين المحليين في هذه المرحلة. يجب مراعاة عدة عوامل عند اختيار الموقع المناسب. في البداية، يجب دراسة تضاريس المنطقة. يُفضل إنشاء المستودع على أرض مستوية، ويفضل أن تكون مرتفعة قليلاً عن المنطقة المحيطة، وجيدة التصريف وغير معرضة للفيضانات. يجب تجنب المواقع المنخفضة. إذا كان من الصعب إيجاد منطقة مستوية، فينبغي اختيار أقل منطقة تموجًا أو انحدارًا، وتوجيه الموقع على طول خطوط الكنتور لتقليل أعمال التسوية والردم المطلوبة.
من المهم تحديد خصائص التربة: قدرتها على تحمل الأحمال، ومقاومتها للضغط، وخصائص تصريفها. لا تُبنَ أبدًا على تربة القطن السوداء، لأنها ضعيفة ولا تتمتع بقدرة تحمل كافية حتى للمستودعات الصغيرة. يجب حماية المستودع والمداخل المؤدية إليه من المياه الجارية بنظام تصريف فعال، ويجب أن يكون الموقع قادرًا على استيعاب مثل هذا النظام. لتسهيل الوصول إلى المخزونات ونقلها، يجب أن يكون موقع المستودع أقرب ما يمكن إلى طريق رئيسي. من المهم أيضًا التأكد من أن مداخل المستودع تسمح بسهولة حركة المركبات ومناورتها حوله. هذا يعني أنه بالإضافة إلى المساحة التي سيشغلها المستودع، يجب أن تكون هناك مساحة واسعة قابلة للاستخدام حوله. كذلك، وبالنظر إلى المستقبل، ينبغي توفير مساحة كافية لبناء مستودعات ومباني خدمات إضافية.
في البلدان الاستوائية، من الضروري توجيه المحاور الطويلة للمستودعات نحو الشرق والغرب قدر الإمكان. بهذه الطريقة، تكون الجدران الجانبية أقل تعرضًا لأشعة الشمس، وتقلل من تقلبات درجات الحرارة داخلها. إذا تعذر توجيه المستودع نحو الشرق والغرب، فقد يكون من المفيد وضعه في اتجاه الرياح السائدة. ويمكن بعد ذلك تبريد الجزء الداخلي بفعالية بفتح جميع الأبواب والنوافذ في الأوقات المناسبة.
التصميم القياسي للمستودعات
تتكون جميع المستودعات من أرضية وجدران وسقف ومدخل واحد أو أكثر. ومع ذلك، قد تختلف اختلافًا كبيرًا في تفاصيل تركيب وبناء هذه المكونات الأساسية؛ وقد تشمل مكونات أخرى، مثل فتحات التهوية والنوافذ والإضاءة الاصطناعية، إلخ. عند التخطيط لبناء أي مستودع، يجب دراسة تركيبات الميزات المختلفة الممكنة بعناية فائقة، إلى جانب عوامل أخرى تتعلق بالموقع والاستخدام المقصود، إلخ. ينبغي إيلاء أهمية قصوى لضمان عدم تأثر جودة البضائع المراد تخزينها بالعوامل الفيزيائية كالرطوبة والحرارة. وينبغي، كلما كان ذلك ممكنًا وعمليًا، أن يتضمن تصميم المستودع ميزات تحمي محتوياته من هجوم القوارض والطيور، وتُسهّل استخدام المبيدات الحشرية. كما يجب أن يكون المستودع سهل التنظيف والصيانة (لا جدوى من استخدام مكونات لا يمكن استبدالها أو إصلاحها بسهولة)؛ وأن يوفر ظروف عمل جيدة.
(١) الأساسات والأرضيات
يجب تجنب التربة الطينية غير المستقرة والمساحات التي تم ردمها قدر الإمكان، لأنها تنطوي على خطر الهبوط. في جميع الحالات، من الضروري الحفر حتى يصل ضغط التربة إلى ١٥٠ كيلو نيوتن/م² أو أكثر. يجب أن تكون الأرضية قادرة على تحمل وزن الحبوب التي سيتم تكديسها عليها، وأن تكون أيضًا غير منفذة للمياه الجوفية. لهذه الأسباب، يجب أن تتكون الأرضية من بلاطة من الخرسانة المسلحة موضوعة على لب صلب مدكوك جيدًا، مع وضع حاجز رطوبة بينهما. يتكون هذا الحاجز من طبقة من البيتومين أو الأسفلت، أو لباد البيتومين، أو غشاء من البولي إيثيلين.
يجب أن تكون البلاطة الخرسانية المسلحة مزودة بوصلات تمدد لمنع التشقق (الذي يجعل نظافة التخزين صعبة). يجب تغطيتها بغطاء أسمنتي بسمك بضعة سنتيمترات، يُملس ويُصلب (لمنع التفتت). يُفضّل وضع البلاطة الخرسانية بعد اكتمال السقف، وذلك لمنع أشعة الشمس المباشرة من تجفيفها بسرعة، وربما تشققها. يجب أن يكون مستوى الأرضية مرتفعًا بما يكفي عن مستوى سطح الأرض لضمان عدم دخول الماء إلى المستودع، حتى بعد هطول أمطار غزيرة متوقعة. يمكن النظر في بناء المستودع على قاعدة ترتفع حوالي 1.2 متر عن مستوى سطح الأرض، لتسهيل تحميل وتفريغ المركبات؛ إلا أن هذا البديل مكلف، وقد يزيد 40% من تكلفة البناء.
(ii) الجدران
تُبنى معظم المستودعات الحديثة بإطار، عادةً ما يكون من الخرسانة المسلحة. ترتبط الأعمدة الداعمة ببعضها بواسطة قضبان ربط سفلية، مثبتة بدورها ببلاطة الأرضية، وقضبان ربط علوية، تُثبّت الإطار بإحكام. من الضروري أن تكون جميع الوصلات محكمة ودقيقة، وأن تكون قضبان التسليح مغطاة جيدًا بالخرسانة. تُبنى جدران المستودع بين الأعمدة الداعمة. إذا كانت أعمدة الدعم أكثر سمكًا من الجدران، فمن المهم أن يكون السمك الإضافي على السطح الخارجي للمبنى بحيث تكون الأسطح الداخلية للجدران ناعمة وخالية من النتوءات. هذا يُسهّل تنظيف المتجر، ويجنّب التداخل مع العمليات الأخرى.
يمكن بناء الجدران من الطوب الخرساني، أو الطوب الترابي المُثبّت بسمك 15 إلى 20 سم، ويجب أن تكون ملساء من كلا الجانبين. يجب طلاء الجدران باللون الأبيض، من الداخل لتسهيل اكتشاف الآفات الحشرية، ومن الخارج للمساعدة في الحفاظ على برودة المستودع قدر الإمكان. كبديل، يمكن بناء الجدران من مواد خفيفة الوزن مثل الأسمنت الليفي، أو الصفائح المعدنية المجلفنة، أو صفائح الألومنيوم. مع ذلك، فإن هذه الجدران سهلة التلف، وذات خصائص عزل ضعيفة، وأحيانًا تكون عرضة للتآكل. يجب تركيب حاجز مانع للبخار في قاعدة الجدران، لمنع تصاعد الرطوبة وإلحاق الضرر بهيكل المستودع ومحتوياته. كما يجب وضع شريط خرساني بعرض متر واحد تقريبًا حول الجزء الخارجي من المستودع، لمنع الأمطار من تآكل قاعدة الجدران أسفل مسار الرطوبة.
(٣) السقف
ينبغي تجنب الأعمدة الداخلية الداعمة لإطارات السقف، لأنها، كما ذُكر سابقًا، قد تعيق إجراءات مكافحة الآفات وإدارة المخزون. بدلاً من ذلك، ينبغي تصميم إطارات السقف بحيث تنقل وزن السقف إلى الأعمدة الداعمة (في المباني ذات الإطارات)، أو إلى الجدران إذا كان المستودع صغيرًا. تتيح التقنيات الهندسية الحديثة بناء أسقف واسعة جدًا "ذات امتداد حر" (أي أسقف بدون أعمدة داعمة داخلية). إلا أن هذه الأسقف باهظة الثمن ونادرًا ما تُستخدم في بناء المستودعات. يُنصح باستخدام إطار بوابة فولاذي إذا كان الامتداد يزيد عن ١٥ مترًا. أما المستودعات التي يقل عرضها عن هذا العرض، فيمكن استخدام إطارات أسقف من الخرسانة المسلحة.
تُناسب إطارات الأسقف المصنوعة من الخشب أو الخيزران المستودعات التي لا يزيد عرضها عن ٤ أو ٥ أمتار فقط. يجب تجفيف الخشب المستخدم جيدًا ومعالجته بمادة حافظة. يمكن أن تكون كسوة السقف من الفولاذ المجلفن أو صفائح الألومنيوم، أو أسمنت الأسبستوس؛ وهذا الأخير أكثر هشاشة ولكنه يتمتع بخصائص عزل أفضل. لا يُنصح باستخدام البلاط، خاصةً في المستودعات الكبيرة. يجب أن يتجاوز السقف الجملونات بمقدار 0.7 إلى 1.0 متر، والكورنيش بمقدار متر واحد على الأقل. هذا يضمن تصريف مياه الأمطار جيدًا من الجدران؛ ويُغني عن الحاجة إلى المزاريب وأنابيب الصرف التي قد تُسد أو تُساعد القوارض على دخول المستودع. كما يُساعد السقف المُرتفع على إبقاء الجدران باردة ويحمي فتحات التهوية من المطر.
(iv) التهوية
فتحات التهوية ضرورية لتجديد الهواء وخفض درجة حرارة المستودع، كما أنها تسمح بدخول بعض الضوء. إذا كانت هذه الفتحات منخفضة جدًا، فقد تُسبب مشاكل عديدة: دخول الماء، والقوارض، واللصوص، وغيرها. يتم تجنب هذه المشاكل بوضع فتحات تهوية تحت الكورنيش. يجب تركيب شبكات مانعة للطيور (بقطر 20 مم) من الخارج، وشبكات مانعة للحشرات (بقطر 10 سم خلف الشبكات) من الداخل (بقطر 1 مم قابلة للإزالة للتنظيف) من الداخل، مما يُبعد معظم الحشرات.
(v) الأبواب
يختلف عدد الأبواب باختلاف حجم المستودع. يُفضل وجود بابين على الأقل، إن أمكن، لضمان تدوير البضائع وفقًا لمبدأ "أولوية الدخول". مع ذلك، قد لا يكون هذا ممكنًا أو عمليًا في المستودعات الصغيرة جدًا. يُنصح باستخدام أبواب منزلقة مزدوجة. يُفضل أن تكون مصنوعة من الفولاذ، أو على الأقل مُقوّاة على طول حوافها السفلية بصفائح معدنية للحماية من القوارض، وأن تكون واسعة بما يكفي (2.5 × 2.5 متر على الأقل) ومُحكمة الإغلاق. في حال تركيب أبواب مُتحركة، يجب أن تُفتح للخارج لتجنب تقليل سعة التخزين في المستودع. يُنصح بحماية الأبواب من المطر بامتداد للسقف أو غطاء منفصل.
(vi) الإضاءة
تُعدّ الإضاءة الكافية في المستودع عاملاً مهماً لسلامة العاملين فيه. ومع ذلك، قد تُواجه بعض المشاكل في توفير إضاءة طبيعية كافية مع مراعاة الجوانب التقنية الأخرى في الوقت نفسه. تُجهّز العديد من المستودعات بألواح شفافة في السقف. مع ذلك، يُعتبر هذا غير مُنصح به، إذ قد ينطوي على خطر تسخين المنتجات في الطبقات العليا من الأكوام. أما المستودعات الأخرى، فتتمتع بإضاءة جيدة نسبياً بفضل ضوء النهار الذي يتسرب عبر فتحات التهوية على طول أسطح الجدران الجانبية. ويتأثر مصدر الإضاءة هذا بتركيب عوازل للطيور. قد تُحلّ هذه المشكلة النوافذ غير القابلة للفتح المُركّبة في أماكن مرتفعة في الجدران؛ مع أن عتباتها قد تُؤوي بقايا حبوب مُصابة بالآفات، إلا إذا كانت مُائلة خصيصاً لمنع ذلك. يرى معظم مديري المستودعات أن ترك عدة أبواب مفتوحة على مصراعيها خلال ساعات أشعة الشمس الساطعة في البلدان الاستوائية يُوفّر إضاءة كافية للداخل. ويُعدّ هذا على الأرجح الحل الأمثل عند استخدام جميع الأبواب المفتوحة. وإلا، فهو يُعرّض لخطر السرقة أو الوصول المتسلل من قِبل القوارض. لا يُبرّر استخدام الإضاءة الاصطناعية إلا في المستودعات التي يُعمل فيها بانتظام خلال ساعات الظلام.
-----------------
----------------------
